الاقتصاد الريعي يهدد العراق... أين اختفت ثرواته الأخرى؟

ومع كل تراجع في أسعار الخام في الأسواق العالمية، يجد الاقتصاد العراقي نفسه على حافة الخطر، وسط تساؤلات عدة تطرح من قبل الشارع العراقي: "لماذا تصر الحكومات المتعاقبة على المضي في هذا المسار رغم وضوح مخاطره؟، وهل هناك إرادة حقيقية للخروج من نفق الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد متنوع ومستدام؟".

في مايو/ أيار الماضي، أعلنت شركة تسويق النفط العراقية "سومو"، أن صادرات البلاد من الخام خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي بلغت أكثر من 406 ملايين برميل، بمتوسط شهري يزيد عن 101 مليون برميل.

وقررت الدول الأعضاء في مجموعة "أوبك بلس"، زيادة إنتاج النفط 411 ألف برميل يوميا في شهر يونيو/حزيران المقبل، وتضمن قائمة الدول كل من (العراق، والسعودية، وروسيا، والإمارات العربية المتحدة، والكويت، وكازاخستان، والجزائر، وسلطنة عمان).

في هذا الصدد، يقول الخبير الاستراتيجي إبراهيم السراج، في حديث لـ "سبوتنيك": "استمرار اعتماد العراق على النفط كمصدر رئيسي لتمويل الموازنة يعد تهديدا حقيقيا للاقتصاد الوطني"، مشيرا إلى أن "غياب السياسات الاقتصادية الواضحة والرؤية الاستراتيجية حال دون استثمار الموارد المتنوعة التي يمتلكها العراق".

ووفقا للخبير العراقي، فإن "عدم استثمار عائدات عبور الطائرات في الأجواء العراقية والمعادن المنتشرة في المحافظات يعد إهمالا اقتصاديا واضحا"، وأردف: "نحن بحاجة إلى استراتيجية وطنية شاملة تضمن استثمار كل الثروات والموارد العراقية، وتحويل المحافظات إلى وحدات إنتاجية قادرة على تمويل ذاتها، بدلاً من الاعتماد الكلي على النفط لصرف الرواتب دون تنفيذ مشاريع تنموية حقيقية".

وأظهرت بيانات جمركية أن الصين والهند تصدرتا قائمة مستوردي النفط العراقي خلال عام 2024، مستحوذتين على 60% من إجمالي الصادرات.

وتدرس إيران إغلاق مضيق هرمز، ردا على الاستهداف الأمريكي لمنشآتها النووية، اذ يرى مراقبون أن العراق سيتأثر بشكل كبير كون المنفذ البوابة الأولى لتصدير نفطه إلى العالم.

ويقع مضيق هرمز بين عُمان وإيران وهو طريق التصدير الرئيسي لمنتجي النفط مثل السعودية والإمارات والعراق والكويت، وتمر عبر مضيق هرمز كميات هائلة من النفط الخام المستخرج من حقول النفط في دول أوبك(OPEC) ، وهي الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط، مثل السعودية والإمارات والكويت والعراق لتلبية الطلب العالمي.

إلى ذلك، يرى مفيد السعيدي، رئيس مركز قراءات للدراسات الاستراتيجية، أن "العراق لا يزال يعتمد بشكل شبه كلي على إيرادات النفط، بنسبة تصل إلى 95%، في ظل غياب استراتيجية حكومية جادة لتنويع مصادر الدخل".

ويضيف: "حتى الآن، لا توجد رؤية اقتصادية واضحة أو برامج حكومية فعالة لتقليل الاعتماد على النفط، الأمر يتطلب تشريعات وقوانين ودفعا فعليا نحو الاستثمار في قطاعات بديلة"، مشيرا إلى أن "الاستثمارات الحالية التي تعلن غالبا ما تكون في قطاع الإسكان أو مشاريع تجارية خاصة، ولا تدخل منها عوائد حقيقية إلى الموازنة العامة للدولة".

ويحذر صندوق النقد الدولي من تحديات اقتصادية كبيرة واجهها العراق خلال عام 2024، بسبب ارتفاع النفقات على الرواتب والطاقة، مع انخفاض إيرادات النفط. وبحسب تقرير صادر عن الصندوق، فإن العجز المالي ارتفع من 1.1% في 2023 إلى 4.2% من الناتج المحلي في 2024، مشيرا إلى أن 55% من الكهرباء تهدر بفعل التوصيلات غير القانونية والسرقات.

كما توقع الصندوق تراجع النمو الاقتصادي غير النفطي إلى 1% في 2025، مشدداً على ضرورة إصلاح الإنفاق العام وزيادة الإيرادات غير النفطية، وتفادي استنزاف احتياطيات النقد الأجنبي.

وأعرب وزير النفط العراقي حيان عبد الغني، (11 أيار 2024)، عن أمله في أن يتجاوز احتياطي العراق النفطي 160 مليار برميل، وذلك خلال إطلاق جولتي تراخيص جديدة للاستثمار في 29 حقلاً، بجانب رقع استكشافية من النفط والغاز.