وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأن لاريجاني تحدث خلال برنامج تلفزيوني عن شخصية الشهيد نصر الله، مشيرًا إلى أن الحديث عنه يحتاج وقتًا طويلاً نظرًا لتعدد أبعاد شخصيته الكبيرة، مضيفًا أن الجمع بين خصال أخلاقية وفكرية رفيعة جعل منه شخصية مؤثرة وجذابة.
وأوضح لاريجاني أن من أبرز سمات الشهيد نصر الله امتلاكه رؤية استراتيجية واضحة تجاه قضايا المنطقة، خصوصًا في لبنان والعالم الإسلامي، على عكس بعض القادة الذين يتعاملون مع الأحداث بارتباك وتشتت. وأشار إلى أن هذه الرؤية المستقبلية مكّنته من قيادة المؤسسات والحركات المدنية بوعي وحنكة، بعيدًا عن ردود الفعل الآنية أو القرارات التكتيكية المحدودة.
وتابع: «من ميزاته أنه كان دائمًا يستمع إلى آراء الآخرين ويستفيد من تنوعها، لكنه لم يكن يضيع وسط الكم الكبير من المعلومات، بل كان يستخلص منها رؤية واضحة للمستقبل». وأكد أن نصر الله كان ملتزمًا بمبدأ الشورى داخل حزب الله، ويعتبر نفسه ملزمًا بقراراتها، حتى في الجلسات التي حضرها إلى جانب الشهيد قاسم سليماني، حيث أظهر مرونة وقبولاً بالآراء الجديدة رغم امتلاكه مواقف حاسمة أحيانًا.
وشدد لاريجاني على أن هذه الروح التشاركية ظلت بارزة حتى في أصعب اللحظات، قائلاً: «في أوج حرب تموز، حين كان نصر الله رمزًا جهاديًا بارزًا في العالم الإسلامي، لم يتغير شيء من تواضعه وأسلوبه القيادي».
الواقعية من أبرز سمات الشهيد نصرالله
وأشاد علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، بروح الواقعية التي تميز بها الشهيد نصرالله، مؤكداً أنها من أبرز خصاله القيادية والفكرية.
وقال لاريجاني إن نصرالله لم يكن يسعى يومًا إلى تضليل جمهوره أو دفعه في مسار خاطئ عبر معلومات مغلوطة، بل كان ينقل الحقيقة بدقة ووضوح. وأضاف أن هذه النزعة الواقعية مكّنته من النظر إلى الأحداث المرّة والحلوة معًا، واتخاذ قرارات متوازنة مبنية على تحليل شامل للوقائع.
وأوضح لاريجاني، مستشهدًا بتجربة شخصية، أنه في فترة معقدة كانت فيها أوضاع المنطقة مضطربة وتزامنت مع دخول الملف النووي الإيراني مرحلة حساسة، حاول الغرب الربط بين الملف النووي وحرب لبنان عام 2006. وأشار إلى أن هنري كيسنجر كتب حينها مقالة دعا فيها إلى استغلال الحرب لإصدار قرار دولي ضد إيران، في حين أن خافيير سولانا صرّح له هاتفيًا بأن "المخربين أنجزوا عملهم"، في إشارة إلى محاولات خلط الأوراق.
وأضاف لاريجاني أن هذه التشابكات خلقت صعوبات كثيرة، إلا أن نصرالله بقراءته العميقة كان يرى أن أي اتفاق نووي يمكن أن يعود بالفائدة على المنطقة بأسرها، معتبرًا أن مثل هذه التفاهمات تفتح الطريق أمام إيران في علاقاتها الدبلوماسية الإقليمية والدولية.
وأكد أن هذه الروح الواقعية عنصر أساسي في نجاح أي قائد سياسي أو حزبي، لا سيما حين يواجه خصومًا وأعداء متعددين، إذ تمكّنه من اتخاذ قرارات دقيقة وفي الوقت المناسب.
الشهيد نصرالله أحسن استثمار الزمان والمكان وصان أمن لبنان
وأوضح أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، أن من أبرز سمات الشهيد السيد حسن نصرالله كانت القدرة على استثمار اللحظة التاريخية والظروف الزمانية والمكانية لصالح المقاومة، وهو ما جعله قائدًا استثنائيًا.
وقال لاريجاني في حديث متلفز: «أفلاطون يستخدم مصطلح "كايروس" للدلالة على قدرة القائد السياسي على الإمساك بالزمان والمكان واتخاذ القرار المناسب في اللحظة المناسبة، وهذه الخصلة كانت متجسدة تمامًا في شخصية نصرالله».
وأشار إلى أن مواقف الأمين العام لحزب الله في حرب تموز جسّدت هذا البعد القيادي؛ فمع أن كثيرين ـ من سياسيين وخبراء ـ كانوا يرون أن المقاومة مغامرة بلا جدوى ويدعون للتراجع، تمسّك نصرالله بخيار الصمود، وهو ما أكد عليه الشهيد قاسم سليماني خلال لقاءاته مع القيادة الإيرانية في تلك الفترة، مما عزّز تصميم نصرالله على الاستمرار حتى تحقيق النصر.
وأضاف لاريجاني أن حُسن استثمار اللحظة تجلى أيضًا في إعادة بناء وتطوير حزب الله، الذي بدأ حركة صغيرة بقدرات محدودة، لكن قراراته المبكرة في مجال التدريب والتنظيم حوّلته إلى قوة دفاعية كبرى. وقال: «لو لم يُحسن نصرالله استغلال تلك المرحلة القصيرة، لما أتيح لحزب الله أن يصبح ما هو عليه اليوم».
كما أشار إلى أن هذا البعد القيادي ظهر كذلك مع اندلاع الأزمة السورية وصعود الجماعات الإرهابية، حيث كان كثيرون يحذرون من تدخل حزب الله بحجة الكلفة البشرية والمادية والسياسية، لكن نصرالله أدرك أن ترك المعركة دون تدخل سيعرّض لبنان نفسه للخطر. وأضاف: «لقد وفّر التدخل في سوريا مظلة أمان للبنان، إذ لو سُمح للإرهابيين بالتقدم، لما ترددوا في اجتياح بلد صغير مثل لبنان بعد أن هددوا سوريا نفسها».
وأضاف إن قرار نصرالله بالدخول في مواجهة الإرهاب خارج حدود لبنان كان استراتيجيًا وحاسمًا، حيث حمى بلاده من خطر داهم وضمن أمنها القومي، مؤكداً أن هذه القدرة على قراءة الزمان والمكان واتخاذ القرار المناسب هي ما جعلته قائداً استثنائياً في تاريخ المنطقة.
الشهيد حسن نصرالله كان شخصية معنوية متواضعة وذات جاذبية استثنائية
وقال أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، إن من أبرز سمات الشهيد السيد حسن نصرالله أنه كان يمتلك شخصية معنوية وجذّابة، مختلفة عن كثير من الزعماء السياسيين الذين يتخذون قرارات صائبة أحيانًا لكنهم يفتقدون التأثير والجاذبية الحقيقية.
وأوضح لاريجاني أن جاذبية نصرالله لم تكن قائمة على الظهور أو تضخيم الذات، بل على تواضعه وفروسيته الروحية، مشيرًا إلى أن بعض القادة مثل الإمام الخميني (رض) أو قائد الثورة السيد علي الخامنئي (دام ظله) كانوا يتحركون بدافع الإخلاص لله والتضحية، وهو ما منحهم جاذبية خاصة، مضيفًا: «الشهيد نصرالله كان على هذا النهج».
وأضاف أن نصرالله، رغم الخطاب الحماسي المعروف عنه، كان في الجلسات الخاصة إنسانًا بسيطًا متواضعًا، يتحدث بروح مرحة وبساطة واضحة، مما زاد من تأثير شخصيته. وقال: «القادة الذين يجمعون بين التفكير العميق والعقلانية من جهة، والمعنوية والتواضع من جهة أخرى، يضاعفون تأثيرهم على من حولهم».
وأشار لاريجاني إلى ذكرياته مع نصرالله في لقاءات خاصة حضرها الشهيد عماد مغنية واللواء قاسم سليماني، حيث كانت النقاشات تشمل قضايا لبنان والمنطقة وإيران، إلى جانب موضوعات فكرية ودينية متعددة.
ولفت إلى أن من أبرز ما لاحظه في تلك الجلسات هو اهتمام نصرالله العميق بالشأن الإيراني، موضحًا أنه كان يتابع أدق التفاصيل والأحداث في إيران ويبحث عن انعكاساتها على قضايا المنطقة. وقال: «كان سريع الربط بين تطورات العراق والأحداث في إيران، ويسأل دائمًا: ما تحليلكم؟ ولماذا حدث ذلك؟».


