عملیة الشهید أحمد قصیر... عندما تخطط أشباح المقاومة

تسنيم

عملیة الشهید أحمد قصیر... عندما تخطط أشباح المقاومة

  • منذ 3 ساعة
  • العراق في العالم
حجم الخط:

عملية الشهيد أحمد قصير... عندما تخطط أشباح المقاومة

عملیة الشهید أحمد قصیر... عندما تخطط أشباح المقاومة

أبنة الشهيد الكركي: رافق والدي والحاج عماد الشهيد أحمد إلى موقع العملية الاستشهادية. كانت سيارتهما تتقدم على سيارة البيجو. وبسبب ثقل وزن المتفجرات، تعطلت فرامل البيجو، فتوقفت السيارة التي أمامها عدة مرات واصطدمت بـ "البيجو".

وكالة تسنيم - زهرة بختياري
 يُقال: "عندما لا يكون هناك أسد، تصبح الذئاب أسودًا". إن ما يحدث هذه الأيام في لبنان، وقرار الحكومة بنزع سلاح حزب الله، قصةٌ لا نعلم إن كانت مصدر للضحك او للبكاء. قرارٌ ما كان ليخطر على بال أحد قبل عام من الآن، وما كان لأحد أن يجرؤ على قول مثل هذا الكلام. لكن الآن وبعد إستشهاد السيد حسن نصر الله والعديد من قادة حزب الله، وسقطوا ضحايا، يُريدون نزع سلاح حزب الله لحسابات شخصية، وتنفيذ أجندات أميركية وغربية... قرارٌ لن يُطبّق أبدًا، وسيشهد على هذه الأحداث دماء الشهداء التي سقطت دفاعاً عن كل شبر من أرض لبنان، وسيشهد معها صمود الحلفاء، ولكن سيبقى عار هذا القرار يرافق كل من أردا خيانة الأرض والدماء  وسيبقى محفوراً في تاريخ الشعب اللبناني الأبي ان هناك فتية آمنوا بربهم فزادهم الله هدى...
لقد عزز أمثال الشهيد الحاج علي كركي، المعروف بإسمه الجهادي "الحاج أبو الفضل"، صفوفهم لدرجة أنهم كلما دعت الحاجة، يضحون بحياتهم بأيديهم، حتى لو كانت تلك الأيدي فارغة، لا تمتلك من زاد الدينا سوى الإيمان والمقاومة والتضحية حتى الشهادة ليفاجؤوا العدو الإسرائيلي في كل زمان ومكان، ومنهم الإستشهادي.
استشهد الحاج علي على يد "إسرائيل" المجرمة في شهر أيلول/ سبتمبر العام الماضي، إلى جانب قائده وحبيبه "السيد حسن نصر الله". رجل لم يكن يُعرف عنه سوى إسمه، كانت صورته مجهولة، رجل الظل الذي بحث العدو نفسه عن صوره آلاف المرات محاولاً الوصول الى الشخص الأقرب لسماحة أمين عام حزب الله الشهيد الأقدس السيد حسن نصرالله.
 بعد استشهاد الحاج أبو الفضل، كنا نبحث عن فرصة للتحدث مع عائلته عن هذا الشبح اللبناني، ولولا مساعدة زميلتنا وصديقتنا اللبنانية أمل شبيب، في وكالة تسنيم للأنباء، لما تحققت هذه المقابلة.
فيما يلي مقابلة مع فاطمة كركي، ابنة الشهيد الحاج علي كركي، تروي فيها لأول مرة جوانب من حياة والدها. روايات مباشرة من أول عملية استشهادية في لبنان، وصولاً إلى حياة والدها الأمنية، وما رافقها من محاولات إغتيال وتجسس للوصول الى الشهيد على مرّ الزمان.
 
كنا نعد الأيام لمجيء أبي
نحن ثمانية أبناء، خمسة أولاد وثلاث بنات، أنا الإبنة الثانية بعد أخي محمد باقر. طفولتي مليئة بالذكريات مع والدي الحبيب، رغم غيابه الطويل عن المنزل.
كانت حياتنا تعتمد على حضوره و غيابه،  فقد كان قليل الحضور الى المنزل و كان ننتظرهُ ونعد الايام للقائه. كنتُ أعلم منذ الطفولة أن والدي قائد في المقاومة و اعلم بوجوده في الخط الامامي المجاهد خصوصاً تواجده في الجنوب، كنتُ ارى واسمع احاديثه مع الكثير من القادة  والشباب المجاهدين، عن الوضع في الجنوب والأمور التي تتعلق بالعمليات و القصف والصعوبات. هذه الأجواء جميعها دفعتنا للإهتمام بكل ما يتعلق بالمقاومة والجنوب.
لكن رغم كل هذه الإنشغالات والمسؤوليات، كنا نرى فيها الحنان حين لقاءنا به، نتسارع الى الباب لإستقباله، ليحضننا بدوره ويقبلنا بحرارة و يمازحنا و يلاطفنا كثيراً و يسأل عن أحوالنا و دراستنا و كل أمورنا رغم مشاغله الكثيرة.
 
الشهيد الحاج علي كركي , الشهيد أحمد قصير , السيد حسن نصر الله , المقاومة , حزب الله , شهداء حزب الله , سلاح حزب الله , لبنان ,
الشهيدين الحاج عماد مغنية وعلي كركي
 
طوفان الأقصى ومحاولات الكيان الإسرائيلي لإغتياله
 كان والدي كثير الغياب عن المنزل بسبب عمله الذي يقتضي منه معظم الاوقات التواجد في مكان عمله لتواصله الدائم مع القادة و المجاهدين. وكان كثير التنقل، ربما يغير مكانه عدة مرات في اليوم الواحد بسبب تواجده في جنوب لبنان ولأن العدو كان في بحث حثيث عنه وعن تحركاته والتجسس على اتصالاته. كانوا يعرفون بصمة صوته عبر جهاز اللاسلكي او غيره، وحاول العدو اغتياله عدة مرات خلال عمره الجهادي، لكن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل بحمد الله بسبب احتياطاته وتنقله الحذر، وفي معركة طوفان الاقصى وحدها تعرض لمحاولتي إغتيال، كانت الاخيرة قبل شهادته بأربعة أيام وقد اُصيب فيها واستشهد وهو جريح وضلعه مكسور.
 
الشهيد الحاج علي كركي , الشهيد أحمد قصير , السيد حسن نصر الله , المقاومة , حزب الله , شهداء حزب الله , سلاح حزب الله , لبنان ,
 
قلق الشهيد بدر الدين على والدي
قبل عدة سنوات، اتصل بنا المسؤول الأمني لحزب الله، كان يومها الشهيد مصطفى بدر الدين (ذو الفقار)، وكان قلقاً جداً، رفعتُ سماعة الهاتف. سألني بقلق بالغ عن ابي وما إذا كنا نستقبل توصيل المأكولات لبيتنا، أجبته بالنفي، إذ كان بيتنا غير معروف حتى لأقرب المقربين من أهل وأصدقاء، ومع ذلك أصرّ السيد "ذو الفقار" يومها على ألا نأخذ أي شيء من أي شخص لا نعرفه، ليتبين لاحقاً أن أحد موظفي المطعم كان مكلفاً بالتجسس على والدي، وكان يبحث عن موقع المنزل ليتمكن من تحديد مكان الحاج علي.
 
الشهيد الحاج علي كركي , الشهيد أحمد قصير , السيد حسن نصر الله , المقاومة , حزب الله , شهداء حزب الله , سلاح حزب الله , لبنان ,
الشهيدين السيد مصطفى بدر الدين (ذو الفقار) وعلي كركي (الحاج أبو الفضل)
 
أربعون عامًا من الصداقة مع الحاج عماد مغنية
صداقة والدي بالشهيد الحاج عماد مغنية قديمة جدًا، لقد مرّ على صداقتهما أكثر من أربعين عاماً ونيّف، كانت تربطهما علاقة وطيدة ومحبة، وكانا يكنّان احترامًا كبيرًا لبعضهما البعض، كانت هذه الصداقة أيضًا مع الشهيد ذو الفقار، وكانا مثالًا يُحتذى به في المودة والمحبة.
كان الحاج الوالد الشهيد من اوائل الذين بدأوا العمل المقاوم والعمليات في الجنوب مع ثلة قليلة مع امكانيات قليلة. بدأ بتأسيس التشكيلات والمجموعات بعد تكليفه من قيادة حزب الله وعُين قائدا للجنوب منذ تأسيس المقاومة. وكان السيد عباس الموسوي الامين العام لحزب الله في تلك الفترة، كان يتنقل بسيارته من بيروت الى الجنوب الى البقاع بشكل شبه يومي. وما إن يصل الى الجنوب كان يسأل عن الوالد و يحب تواجده الى جانبه في كل تحركاته. وكان يردد على مسامع الجميع إنَّ ما أنشأه هؤلاء الشباب القلة في وجه "اسرائيل" بمثابة معجزة.
وكان الحاج عماد دائم التواصل مع الوالد الشهيد اثناء انشاء هذا العمل وكان معجبا جدا بتطوره بعد ذلك.كان لاستشهاد الحاج عماد أثراً بالغاً في نفس والدي وكان دائما يذكره ويراه في منامه الكثير من الاحيان و كذلك كان مقرباً من سماحة السيد حسن نصر الله (قدس) فقد كان على معرفة منذ بداية العمل الجهادي و ظل على مدى سنين معاونًا جهادياً له و كان محل ثقته ويعتمد عليه في الكثير من الأمور.
 
الشهيد الحاج علي كركي , الشهيد أحمد قصير , السيد حسن نصر الله , المقاومة , حزب الله , شهداء حزب الله , سلاح حزب الله , لبنان ,
 
العمليات الاستشهادية نُفِّذت بإشراف والدي
كأي عمل جهادي مقاوم، كانت السنوات الأولى للمقاومة صعبة جداً، ولانه كان أول من بدأ العمل الجهادي بعمليات ضد "اسرائيل" في عام ١٩٨٢، فقد أصيب عدة مرات منها معركة خلدة وكانت إصابته بليغة… واجهت المقاومة في ذلك الوقت صعوبات كثيرة لعدم وجود الاسلحة المناسبة. لكن رغم كل التحديات، كان صبورًا جدًا خلال مسيرة عمله الجهادي، ودؤوباً وفانيًا عمره وجسده و ُجل وقته في هذا الطريق ولم يتعب حتى الشهادة.
الانجازات لمثل هؤلاء المجاهدين لا تعد ولا تحصى، كان حاضراً وموجودًا ومتابعاً في جميع العمليات من بدايتها الى لحظات تنفيذها. ولأنه القائد الجهادي المسؤول عن منطقة الجنوب، أشرف على معظم عمليات المقاومة وخاصة العمليات الاستشهادية. أضيف الى دوره في لبنان، تكليفه الجهادي في سوريا وحلب الى جانب الحاج قاسم سليماني ضد التكفيريين، وكان دوره أساسي ومحوري.
إذاً، كان دور الشهيد علي كريكي أساسياً في طريق الجهاد،  تسلم عدة مناصب منذ بداية عمله الجهادي من مسؤول لمنطقة الجنوب، وعضو في المجلس الجهادي، ورئيساً للمجلس الجهادي والعسكري، كل هذا منذ بداياته مع السيد عباس حتى شهادته مع السيد حسن نصرالله، جنباً الى جنب، وبذلك يكون قد بذل النفس ونال الانجاز الاعظم وهو وسام الشهادة الرفيع.
 
الشهيد الحاج علي كركي , الشهيد أحمد قصير , السيد حسن نصر الله , المقاومة , حزب الله , شهداء حزب الله , سلاح حزب الله , لبنان , الشهيد الحاج علي كركي , الشهيد أحمد قصير , السيد حسن نصر الله , المقاومة , حزب الله , شهداء حزب الله , سلاح حزب الله , لبنان ,
 
معاً من طريق الجهاد الى حجّ بيت الله الحرام
بعد استشهاد السيد عباس، ارتبط والدي بسماحة السيد حسن نصرالله ارتباطًا وثيقًا، وتعاون معه في الجهاد منذ البداية، وكان سندًا له ومصدر ثقته. هذه العلاقة تعود إلى مرحلة الشباب، فقد ذهبا معاً لآداء فريضة الحج عام ١٩٨٢، وشاركا في ساحات جهادية عديدة في الجنوب والبقاع. بل كانا معاً خلال حصار المنطقة عام ١٩٨٨، وقضيا معاً قرابة ستة أشهر، ليلاً نهاراً، يتبادلان أطراف الحديث ويقودان حركة الجهاد.
بعد أن تولى السيد حسن نصر الله مسؤولية الأمين العام لحزب الله خلفًا للسيد عباس، ازدادت هذه العلاقة وطيدة. كان والدي يُثني علينا كثيرًا بصفات السيد حسن وكلماته، وكنا نحب الاستماع إليه. كان يروي لنا قصصًا جميلة وطريفة، وكان معجباً جدًا بذكاء السيد وتواضعه وحكمته.كان يطلب منا دائمًا الدعاء لآية الله السيد خامنئي، حفظه الله، وللسيد حسن والمجاهدين. كنا نسأله باستمرار عن صحة السيد حسن، وقبل حرب يوليو ٢ ٦ (حرب الـ ٣٣ يومًا)، كان والدي يصطحب أحد إخوتنا الصغار ليرى سماحة السيد حسن نصرالله، وكان يحب ان يُسمّي السيد حسن المولود الجديد في العائلة.
وبعد صعوبة وضع سماحته الأمني و بسبب طلبنا و إلحاحنا،  كان من وقتٍ لآخر يستأذنه ليتكلم أحدنا مع سماحته على الهاتف أو يجلب لأحدنا من عنده خواتم او سجدة او مصلية او مسبحة، حتى أحياناً بعض التمر اذا كان أحدنا مريض يجلبه له ليتبرك به على نية الشفاء. و كان يجلب للأولاد و الأحفاد مصاحف من سماحته يكتب لنا عليها كلماته اللطيفة لمناسبة زواج او تكليف، وكم كنا نفرح بكل شيء يتعلق بسماحة السيد.
 
الشهيد الحاج علي كركي , الشهيد أحمد قصير , السيد حسن نصر الله , المقاومة , حزب الله , شهداء حزب الله , سلاح حزب الله , لبنان ,
 
على رأس المقاومة قائد شريف
تكمل فاطمة كركي الحديث، وتخبرنا عن لقاء بين والدها الشهيد والسيد حسن نصرالله، كان في لقاء مع سماحة السيد اي في جلسة عمل تختص بالمقاومة. و بعد انتهاء الجلسة  وقف سماحة السيد وقال للوالد "اتبعني". دخلا الى قاعة كبيرة جدا فيها من الهدايا الثمينة والملابس الغالية لطلبة العلم وتحف ونسخ من القرآن الكريم مذهبة وقديمة تاريخية. قال سماحة السيد هذه هدايا تأتيني من انحاء العالم من المحبين و الموالين، لكنني اعتبر كل هذا ليس ملكي الشخصي بل ملك لهذه المقاومة و لهذا العمل فقط، يقول والدي الشهيد معقباً: "إن على رأس المقاومة قائد شريف"، وعندما يتحدث عن السيد كان يقول الحبيب، وبعد كل خطاب يهمس له "بيض الله وجهك". لذلك ليس مستغربا ان يستشهد والدي مع السيد والى جانبه وهما يتحضران للصلاة فقد كانت صلاة من نوع آخر.
 
الشهيد الحاج علي كركي , الشهيد أحمد قصير , السيد حسن نصر الله , المقاومة , حزب الله , شهداء حزب الله , سلاح حزب الله , لبنان ,
 
الحلم الذي أبقى والدي صامتاً....
في بداية حرب الطوفان رأى والدي في منامه صاحب الزمان (عج) وشعره منسدل على كتفيه وبجانبه السيد حسن نصر الله الذي كان هو الآخر ذي شعر طويل ايضاً ووالدي الى جانبه فأشار الإمام المهدي (عج)  قائلاً: "اتبعوني"... وبعد عدة خطوات نزل في نفقٍ طويل وعندما وصل والدي بالحديث الى هذه النقطة بقي صامتاً، ولم يكمل، سألته والدتي وبعدها ماذا حصل ابتسم ولم يجيب، فقد  كان والدي يخاف على مشاعرنا نحن الاناث ودائما ما يهدأ من روعنا ويعدنا بالنصر والامان والغلبة للمؤمنين.
 
الشهيد الحاج علي كركي , الشهيد أحمد قصير , السيد حسن نصر الله , المقاومة , حزب الله , شهداء حزب الله , سلاح حزب الله , لبنان ,
صورة من طفولة الشهيد علي الكركي
 
كنا نرمق إنتظاره بعيون لا ترى سواه.. فإذا بظله يزيح عنا ثقل الغياب
كان شديد اللهفة علينا، ونظراً لغيابه الكثيرعن المنزل كنا نترقب مجيئه، وحين نعلم انه أتى الى البيت نلغي كل اشغالنا كي نستغل اجتماعنا به ونأنس بوجوده ونستمتع بقربه، كان يسألنا عن تفاصيل حياتنا ويبدي لنا عاطفته و شوقهُ ويظهرها كأب حنون.
لم يكن ينسى أية مناسبة، فرغم كثرة اشغاله كان يتصل بنا عبر الهاتف ليحادثنا ويذكرنا بمناسبة اليوم ومع تحمله من صلاة مستحبة وذكرمعين، وكان يخصص الهدايا لاحفاده في مختلف المناسبات الإسلامية كمولد الرسول (ص) والائمة عليهم السلام و الأعياد خاصةً عيد الغدير والمناسبات الخاصة ايضاً. كان قريباً جداً من أحفاده، يلاعبهم ويحثهم على حفظ وقراءة القرآن ويكّرمهم بهدية عن حفظ كل سورة قرآنية. كان يوصينا بالادعية المأثورة وزيارة عاشوراء التي كانت آخر ما اوصى به في وصيته مع دعاء علقمة، وإقامة مجالس ابا عبد الله الحسين (ع) و المضائف والإطعام على حب الامام الحسين عليه السلام.
 
أربعون عاماً.. وصلاة الليل لم تعرف جبينه إلا ساجداً، حتى حين كان المرض يهمس في جسده
 كان والدي صلبا قوياً عند المصائب اي مشكلة مهما كانت كبيرة تهون بمجرد ان نفكر ان والدي هو من يحلها و ذلك بسبب تعلقه بالله سبحانه و تعالى و توكله عليه في جميع الأمور. وكان كثير العطاء يسرف في الصدقة وتفريج همَ الكثير من الاخوة، ويحثنا على الصدقة وعمل الخير وعدم الاسراف في مؤونة الحياة.من عاداته اليومية الجميلة التي حفظناها الصيام معظم ايام السنة و قراءة صفحة من القرآن يومياً قبل الخروج من أي مكان كان يتواجد فيه. وتقول والدتي انها ومنذ اربعين سنة لم ترهُ ترك صلاة الليل حتى في المرض كان دائم الوضوء في معظم وقته، وكثير الذكر لله. من اللفتات الجميلة كان احيانا يطبع بعض الاقوال والمستحبات على اوراق ويتركها في البيت لتوزعها امي علينا حين نأتي اليها.كان يرشدنا ويربينا على احترام كبار السن والوالدين والجيران والاقتصاد في المأكل والملبس ونفقات الحياة اليومية.
 
من أقواله الثابت: العلم بالعلم، والسلاح بالسلاح، والقوة بالقوة
أما فيما يخص العلم، فقد كان دائم وكثير التشجيع لنا، يشجعنا بشكل دائم على العلم والتعلم سواء علماً دينياً او أكاديمياً وكانت امنيته ان يتابع دراساته العليا ولكن وضعه الأمني و انشغالاته منعته من تحقيقها،  وكان يُسر جداً عندما يتخرج أحدنا من الجامعة، وشجع اخوتي جميعاً على اكتساب العلوم الدينية و أوصانا في وصيته بذلك. كان يحب أن يكمل جميع الشباب دراساتهم، ويرى أن العمل تكميل لشخصية الإنسان المسلم المجاهد،  وكان يردد دائما ان المسيرة الجهادية تحتاج لعلماء ومثقفين ومتعلمين وخريجي اختصاصات متقدمة من طب وهندسة وكمبيوتر لكي تستطيع الأمة مواجهة العدو. كان يؤكد أن العلم يجب أن يُقابل بالعلم والسلاح بالسلاح والقوة بالقوة، وان اختلفت قوتهم عن قوتنا فكانت قوة الايمان هي الاقوى وهي الغالب. وقد خبر الحاج ورفاقه أثناء مسيرهم الجهادي "أن العين لا تقاوم المخرز"، لكن رأيه كان دائما اننا يجب ان نكون على اتم الجاهزية بالقدرة العلمية والسلاح والقوة الايمانية والبصيرة واطاعة القيادة وتطوير القدرات التي لا تتحقق الا من خلال العلم. اهتم الوالد كثيراً بالجانب الحوزوي وهذا أصل إيمانه، كان يقول لنا عند الانتساب للحوزة سترون الحياة بشكلٍ مختلف، قدّم لنا الحوزة بطريقة جميلة ومفيدة، وامتثالاً لأمره ومحبة للحوزة انتسبنا انا وبعض اخوتي للحوزة بشكل جزئي.
 
الشهيد الحاج علي كركي , الشهيد أحمد قصير , السيد حسن نصر الله , المقاومة , حزب الله , شهداء حزب الله , سلاح حزب الله , لبنان ,
 
كنا نحلم بمشاركته الطريق.. لكنه خوفه علينا كان أكبر من أن تجمعنا سيارة
 كان الوالد دائم الذكر، عندما كنت صغيرة، كان يصل الى المنزل متاخراً او اكون نائمة أو على وشك النوم، يبدأ بصلاة الليل والدعاء وتلاوة القرآن الكريم، حتى يحين موعد صلاة الصبح، كان يوقظني لأدائها، وبعد صلاته يبدأ بالمطالعة ولا يذهب للنوم حتى طلوع الفجر. وطبعا نظراً لوضع والدي الامني كانت حياتنا ليست كحياة باقي الناس فكان لا يرضى ان نكون معه في نفس السيارة للذهاب لمكان ما خوفا" علينا، وقلّما ذهبنا معه الى اماكن عامة او استقبلنا اصدقائنا في المنزل او حتى اقاربنا. رغم كل هذه الإحتياطات والمصاعب، لم تترك تأثيرها علينا، بل تربينا على ذلك و تعايشنا معه، وأصبح طبيعي بالنسبة لنا، ولكن كنا نراقبه ونراعيه ونخشى عليه ونخاف عليه، وكان كل ما يقوه صحيح ومقدس عندنا.
 
 عشنا مع رجل استثنائي
 لقد كانت علاقته بوالديه علاقة استثنائية،  كان باراً بهما بشكلٍ ملفت، لم يرفض لهما طلباً قط، بل كان يهتم بكل الأمور التي تعني لهما ويفضله على أي شيءٍ آخر، في أحد الأيام مرضت جدتي، وبقيت في المستشفى لأشهر، بقي معها رغم ظروفه الأمنية ولم يتركها، كان يحاول رغم انشغالاته و وضعه الخاص أن يمر ليراها و يطمئن عليها. عند وفاتها سكن الحزن في عينيه، ولكن كعادته كان جبلاً قوياً منيعاً في مواجهة المحن، يحاول إخفاء حزنه عنا كي لا نحزن ونستعظم. اننا كعائلة و أبناء نفتخر أننا عشنا الى جانب رجل استثنائي، على يديه المباركتين كان نصر تلو نصر، وجهاد تلو جهاد، وتضحيات تليها اجيال آمنت بهذا الخط و وبهذه المقاومة الشريفة.
 
الشهيد الحاج علي كركي , الشهيد أحمد قصير , السيد حسن نصر الله , المقاومة , حزب الله , شهداء حزب الله , سلاح حزب الله , لبنان ,
 
المقاومة هي إرث والدي
إن إرث والدي هو المقاومة أولاً. عمل في صفوفها وفي بنائها طوال حياته ابتغاء مرضاة الله، ونصرة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، ورفع الظلم، فقد كان نداء الإمام الحسين عليه السلام عبر التاريخ "هل من ناصر ينصرنا ؟" فكانت تلبية الشهداء والانصار لدين الله ومنهم الوالد الشهيد.
زرع الشهيد فينا هذه الروح فلن نتخلى عنها مهما كانت التضحيات، ولن نتخلى عن باب الجهاد الذي فتحه الله لخاصة أوليائه، وكان يردد دائماً: "سنكمل الطريق للآخر".
أيضاً أرث الوالد الشهيد لنا هو اسمه الباعث للفخر والعزة، فنحن ننتمي لهذا الرجل الذي بدأ عمره وشبابه في سبيل الله والمستضعفين وعلى خط الولاية من الامام الخميني قدس الى السيد الخامنئي حفظه الله ومع سيد شهداء الامة ... فهذه الدماء الغالية التي أُريقت وسُفكت على مذبح الحق والحرية والدين هي امانة في اعناقنا كما كانت الدماء التي أُريقت في كربلاء امانة في عنق سيدتنا زينب عليها السلام ، وزرعتها زينب عبر الاجيال لتنبت مقاومة وحرية ورفضاً للظلم حتى وصلت الينا. نحن أيضا سنحمل كل هذي الدماء التي أُريقت لدفع الظلم ونقول لن نترك الحسين عليه السلام، ولن نبيع هذي الدماء، وستظل تزهر حتى يظهر المخلص وتمتلئ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً.
 
الشهيد الحاج علي كركي , الشهيد أحمد قصير , السيد حسن نصر الله , المقاومة , حزب الله , شهداء حزب الله , سلاح حزب الله , لبنان ,
الشهداء: قاسم سليماني - عماد مغنية - علي كركي
 
بسبب حبنا له، كان القلق رفيقنا الدائم
دعاءنا بحفظه لم يفارق ألسنتنا... حين كبرنا صار غيابه هاجساً لنا، نسأل أكثر عن حاله وأحواله لأننا فهمنا حينها مدى صعوبة وضعه وحياته، لا نعلم مكانه أو وقت مجيئه للمنزل، لكن رغم كل هذا كان غيابه جسدياً فقط، فقد كان كثير التواصل معنا، حريض على متابعة امور عائلته بتفاصيلها، يتابع أخبارهم وأحوالهم، سواء كانت أمراضًا أو امتحانات او اي تفصيل يخصنا، ولم يغفل عن متابعة أحفاده أو اي عقبة تقع على عاتق أحدنا.
 كان كثير النصيحة بالصلاة والصيام، يوصينا بالمحبة والمساندة فيما بيننا، لم يكن أباً عادياً، كان مثالاً للأبوة الحانية والعطاء الذي لا ينضب، لم تغب نصيحته الطيبة ولا دفء حنانه عنا يومًا، كان حاضرًا في حياتنا بقلبه وعقله، يسأل عنا باستمرار، حتى لو كان يعرف كل التفاصيل، لكن ليطمئن قلبه ويهدأ، كان مُلهمًا ومعلمًا ومرشدًا روحيًا. كان يحرص على تذكيرنا بقيمة الصلاة ويدعونا إليها بلطف الأبوة وعمق الإيمان، ويرسخ فينا نهج الإمام الحسين عليه السلام بسلوكه وكلماته. لم يتردد يومًا في تقديم المساعدة، مهما كانت صغيرة أو كبيرة، وكان دائمًا حاضرًا عند الحاجة، يُسخّر علمه وحكمته لتكون عونًا لنا. كان طبيبًا بروحه، يداوي جسد المريض بالنصائح الغذائية، ويشفي الأرواح بكلماته الطيبة. حين كان أحدنا مريضًا، كان يمرر كفيه على وجهه بحنان، وكأن لمسته تحوي الدعاء والشفاء. كان يزورنا فجأة في منازلنا ، في الوقت الذي كان يبتعد فيه الآخرون عن المريض خشية العدوى، كان هو الأقرب، يتفقدنا بعناية لا مثيل لها، لم يكن أبانا مجرد أب، بل كان موسوعة من العلم والخبرة، يعرف عن كل شيء، ويتقن كل الأمور، كان مرشدًا للقلوب، معالجًا للأرواح، وسندًا دائمًا لا يتزحزح، كان اتصاله ليلاً بي في وقت متأخر معظم الأيام يسألني عن الجميع صغيراً و كبيراً وعن كل ما يدور في العائلة من أحداث و قصص أو أي حادث صغير، يرسل كلمات لأحد الاقارب او نصائح لأحد منا... كان اتصاله دائما مميزاً يضيف الى ايامي جرعة من الحنان و العطف و القوة والتحمل في الوقت ذاته، ومن بين عادات الحاج الوالد التي لا تُنسى، حبه لقراءة الدعاء والقيام بالمستحبات مع عائلته، ففي ليالي الجمعة، كان يوكل أحدنا بقراءة دعاء كميل للعائلة.
 
الشهيد الحاج علي كركي , الشهيد أحمد قصير , السيد حسن نصر الله , المقاومة , حزب الله , شهداء حزب الله , سلاح حزب الله , لبنان ,
 
ظِلّان في عمليّة الإستشهادي أحمد قصير: الحاج عماد والحاج علي.. الرواية المُغيّبة
عن العملية الاستشهادية للشهيد أحمد قصير وسيارة البيجو البيضاء 504 التي استخدمت فيها، إذ كان والدي أحد المخططين لها، تم نقل السيارة إلى قرى جناتا ودير قانون النهر وهناك تم تجهيزها وتفخيخها، نزل بها الشهيد أحمد إلى مكان تنفيذ العملية، فتقدمت سيارة والدي والحج عماد مغنية سيارة البيجو وبسبب ارتفاع وزن المتفجرات تعطلت مكابح سيارة البيجو التي كان يقودها الشهيد احمد قصير فصارت السيارة الامامية تتوقف فتصتدم بها سيارة البيجو ثم تكمل السير وهكذا حتى وصلوا إلى مكان قريب من تنفيذ العملية الاستشهادية، فتركوه وهو ذهب باتجاه الطريق المؤدي إلى مكان العملية التي استهدفت مقر اركان الجيش الاسرائيلي في جنوب لبنان حينها، واستمروا هم في السير كي لا ينتبه الصهاينة لهم وينتشرون في المنطقة خاصة لأن الوقت مبكراً، ولأنهم لم يستطيعوا التوقف صلى الوالد على تابلو السيارة بينما كان الحج عماد يقود السيارة، وعندما أكمل صلاته وكانت السيارة ما زالت تتحرك إنتقل الحاج عماد إلى مكان الوالد الذي إنتقل هو بدوره إلى مكان السائق وصلى صلاة الصبح، وكانت العملية منظمة جدا ومتقنة، كيف لا ومهندسيها من اكبر الادمغة في المقاومة.
أهمية هذه العملية هو هذا العدد الكبير من القتلى الاسرائيليين بإعتراف "إسرائيل"... اثنان وسبعون قتيلا وثلاثون مفقوداً، وكان كثيرا ما يذكر الشهيد احمد قصير ويردد: "لقد رفع بدمائه راية الحسين عالياً"، وكان والدي يقول ان هذه العملية هي فاتحة عهد الاستشهاديين واهم عملية استشهادية في تاريخ المقاومة لانها رفعت معنويات شعوبنا وانهارت معنويات جنود الاحتلال الى الحضيض.
الشهيد الحاج علي كركي , الشهيد أحمد قصير , السيد حسن نصر الله , المقاومة , حزب الله , شهداء حزب الله , سلاح حزب الله , لبنان ,
 
"طوفان الأقصى" المعركة التي غيّرت حياة والدي تماماً
مع انطلاقة معركة طوفان الأقصى واتّخاذ القرار بفتح جبهة الإسناد لغزة، تغيرت حياة والدي بالكامل، لم نعد نراهُ الاّ نادراً و لم يحضر الى المنزل طيلة السنة الاخيرة الاّ مرتين و فجأة بسبب اشتداد القصف وتعذّر الحركة وتعرّضه لعدة محاولات اغتيال، لم يترك الجنوب، وحرص على قيادة وحدات مقرّ سيّد الشهداء عليه السلام، وبعد استشهاد عزيزيه القائدين "الحاج طالب سامي عبد الله، المعروف بأبي طالب، ومحمد نعمة ناصر، المعروف بأبي نعمة"،  ورغم الأثر الكبير الذي تركه هذا الفقد في نفسه، إلّا أنّه لم يهن ولم يلن، بل بقي جبلاً صلباً كعادته، فأكمل الطريق مع باقي إخوانه في معركة الإسناد، ومع اشتداد المعارك وكثرة الاغتيالات، طلب منه سماحة السيد عدم الذهاب الى الجنوب بل قيادة العمليات من بيروت، عندها انتقل والدي إلى بيروت ليتابع عمله واصلاً ليله بنهاره، حريصاً على الإعداد والتجهيز والتخطيط والتنسيق لأيّ تطوّر في المعركة.
 
الشهيد الحاج علي كركي , الشهيد أحمد قصير , السيد حسن نصر الله , المقاومة , حزب الله , شهداء حزب الله , سلاح حزب الله , لبنان ,
 
الرسالة الأخيرة... قبل يوم من استشهاده
كانت المرة الأخيرة التي رأيته فيها كان قبل شهر من استشهاده، كان جبلاً صلباً كعادته رغم فقده الكثبر من أصحابه أولهم السيد محسن شكر، تحدث مع العائلة وكان معظمنا حاضراً، كنتُ أحدث نفسي ما إذا ستكون هذه المرة الأخيرة التي سأراه فيها، لكن كنت أقنع نفسي بأن هذه أوهام، فقد لازمني ألم فقده منذ طفولتي، لكن شاء الله وقدر ... وهذا ما حصل، فبتاريخ الثالث والعشرين من أيلول ومع اقتراب ساعات المغيب، تعرّض والدي لمحاولة اغتيال في أحد أحياء الضاحية الجنوبيّة، لكن المحاولة باءت بالفشل، وبقي في المستشفى لعدة ايام، كان نصيب أخوتي رؤيته، ومنعونا نحن من الحضور خشية اكتشاف مكانه،  فصبرنا و تحسبنا ورافقنا الدعاء له.
 قبل يوم من شهادته، أرسل لنا رسالة عادية، لكنا لم نكن نعلم أنها الوصية الاخيرة، أوصانا بالصلاة، الصيام، والمحبة للإخوة والأرحام، أكّد علينا زيارة عاشوراء وقراءة دعاء علقمة، قائلاً: " لا تقلقوا هذه المسيرة بحفظه تعالى، والخط المقدم دائماً ثمنه أغلى، لذلك قال امامنا الخميني إن جهاد أبناء حزب الله حجة على العلماء في العالم الاسلامي".
كان والدي دائماً ما يستشعر الشهادة، فقد كانت مطلبه على مدى أربعين عاماً، ولا شكَ انه قد احسّ باقتراب موعد الاستشهاد. لقد كان عصر يوم الجمعة السابع والعشرون من ايلول ٢ ٢٤ الماضي، التاريخ الأصعب في حياتنا فقد كان سماحة السيد حسن نصر الله قد تجهز مع معاونه الجهادي الحاج علي كركي و مجموعة من القادة، تجهّزوا للوضوء…للصلاة… للشهادة كانوا يقرأون دعاء السمات بعد اجتماعهم الطويل عصر الجمعة.
 كانت غرفة العمليات تحت الأرض تُعتبر خط مواجهة مع العدو، توجه الحاج ابو الفضل للإجتماع مع سماحة السيد وهو مثخنُ بجراحه  بسبب محاولة الإغتيال التي تعرض لها قبل أيام، إلاّ أن ذلك لم يثنيه عن متابعة عمله، ورغم جراحه أبى أن يترك مواجهة العدو المجرم، كان العدو يضرب كل مكان في الجنوب، وكانت القيادة تعلم ان العدو قد بدأ بأعماله الخبيثة، كانت نيران خبثه كلها مجتمعة لأجل القتل والإجرام والغدر ...
عند السادسة و الثلث تقريباً دخلت تلك الطائرات المشؤومة سماء لبنان واخذت طريقها نحو الضاحية الجنوبية لبيروت، حاملة اكبر عدد من الاطنان التي يُمكن ان تحمل، لقد كان الحقد دفيناً وكبيراً منذ سنين طويلة، أنزل أعداء الله نيرانهم و صواريخهم الطائلة على المكان المستهدف ... ارتجت الأرض بفعل تلك القنابل الارتجاجية، وصل صداها الى كل العالم، ذلك الصوت ... ذلك الهدير.. تلك الرجة .. نيرانٌ اشتعلت … دخانٌ انبعث بقوة .. لم يدر أحد ما القصة سوى شعور أن المصيبة الأكبر حلّت … لم ينم أحدٌ تلكَ الليلة … كانت كليلة عاشوراء … ترتجف فيها القلوب … ترتعشُ فيها الأفئدة … يصلي المؤمنون للسيد و إخوانه … يرجون أن لا تفجعنا يا الله...
ما إن حلّ صبح الفجيعة كانت القلوب قد تفتت من الخوف والصبر، أخذ كل مآخذه، كانت ساعة صعبة حين وصل الناعي و خذ يتلو النعوى:  سماحة السيد… العبدُ الصالح… انتقلَ الى جوارِ ربه...
هل صحيحٌ ما أسمع هل صحيحٌ ما يُقال... لم نصدّق ما نسمع... الحياة توقفت لم تعد تمشي تلك الساعة... لقد توقفت الأرض عن الدوران... لا حول و لا قوة الا بالله…. فُجع الكون كله بكَ يا سيدنا.. ثم بعد ذلك بساعات .. كنا نرتجف… و نريد معرفة الحقيقة كاملة أخبرونا بأن قد وُجد سماحة السيد و الحاج ابو الفضل مطمئنين … وُجدت الأجساد الطاهرة نائمة بهدوء وسكينة كان الحاج ابوالفضل بقرب سماحة السيد يحاول حمايته إلاّ أنّ الله أرادها شهادة حسينية كربلائية كما أحبا … كما عشقا كربلاء … أتتهم كربلاء .. أتاهم الحُسين عليه السلام في تلك الليلة ليضمد الجراح و يمسح الآلام ... جاءتهم زينب عليها السلام من كربلاء لتقول: ما رأينا الا جميلا... مسحَ صاحب الزمان (عج) على رؤوسهم الشريفة، وانتقلت أرواحهم بين يديه الى الملكوت الأعلى...
هما العبدان الصالحان … رفيقا الجهاد و الشهادة… أربعون عاماً ما افترقأ، جمعتهم المقاومة والمسير والجهاد... والشهادة
سماحة السيد و الحاج علي كركي ابوالفضل
السلام عليكما يوم ولدتما… و يوم استشهدتما.. و يوم تبعثان حيين..
إنتهى/
 
المواضيع ذات الصلة


عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>